منذ تأسيس المركز الأمريكي للأبحاث الشرقية (أكور) سنة ۱٩٦٨ في عمان وهو يجري الحفريات الأثرية و المشاريع المتعلقة بإدارة المصادر التراثية في الأردن، وتم دعم العديد من هذه المشاريع من قبل الوكالة الأمريكية للأنماء الدولي، ومن هذه المشاريع:
۱ – إعادة بناء معبد هرقل الروماني في جبل القلعة
۲ – منتزة مادبا الأثري الذي يحمي الفيسيفساء البيزنطية التي وجدت في المنطقة
٣ – اكتشاف والمحافظة على ثلاث كنائس في منطقة البتراء
و ساهم أكور كذلك في دعم المئات من المشاريع الاخرى
عمل في الأردن عدد كبيرمن الآثاريين الأمريكيين من جامعات و كليات متعددة في العديد من الأبحاث و الأعمال خلال الوقت الحالي، وسنقدم هنا مختصراً لأهم المشاريع الأثرية الامريكية في الأردن واهدافها
تأسس أكور من خلال مجموعة من العلماء المنتسبين للمدرسة الأمريكية للابحاث الشرقية (ASOR)، و التي تأسست في عام ۱٩۰۰ كان أول مشروع في الأردن برعاية المدرسة الأمريكية للابحاث الشرقية في عام ۱٩۲٤ هو عبارة عن أعمال مسح لمنطقة الأغوار الجنوبية (وادي الأردن) من قبل ويليم اولبرايت (والمركز الموجود في القدس يسمى حاليا معهد اولبرايت للابحاث الأثرية).
اجرى نيلسون غلوك في عام ۱٩٣۲م اعمال مسح في منطقة وادي الأردن و قام بتوثيق ۱٥۰۰ موقع أثري. و قد اشرف على عدد من الحفريات في وادي الأردن كخربة التنور، التي كشف فيها عن عدد كبير من المنحوتات النبطية و البعض منها موجودة حاليا في متحف سنسيناتي، وهذا المتحف نظم معرض متنقل عن البتراء يدعى: “المدينة المفقودة في الحجر“. افتتح في نيويورك في المتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي في عام ۲۰۰٣ و استمر في اماكن أخرى في الولايات المتحدة و كندا وتم إعادة القطع التي شاركت في المعرض الى الأردن في شهر شباط عام ۲۰۰٨.
هذا المعرض يفتح آفاق جديدة من خلال التعاون الرئيسي مع دائرة الأثار العامة الأردنية كونها الجهة المسؤولة عن كل المواقع الأثرية و التراثية و لها الحق في اعطاء تصاريح عمل للمنقبين الأجانب للعمل في مشاريع أثرية في المملكة، وفي الواقع فإن كل المشاريع المذكورة أدناه تمت بالتعاون مع دائرة الآثار العامة.
يوجد في الأردن اكثر من ۱۰۰۰۰۰ موقع تتراوح في طبيعتها من مجموعات من الحجارة الصغيرة حتى منتزة البتراء الأثريالكبير. ركز الأثاريين الأمريكيين على مواقع مختلفة تعود الى فترة تاريخية واحدة أو الى آلاف السنين ومعظم هذه المواقع عبارة عن تلال ( تل حسبان، بدأت أعمال الحفر فيه في عام ۱٩٦٨ وهو حالياً جزء من مشروع اكبر اطلق عليه اسم (مشروع تطويرمادبا)
ومن الامثلة على العمل المشترك، التنقيبات التي جرت في موقع عين غزال الذي يقع إلى الشمال الشرقي من عمان. غاري رولفسون ( Gary Rollefson) (جامعة ويتمان في ولاية واشنطن) و زيدان كفافي (من جامعة اليرموك في اربد) ، كانوا الباحثين الرئيسيين لكن كأي مشروع أثري فقد شارك العديد من الآثاريين و المختصين في أعمال التنقيب، البحث، الدراسة، التحليل، والنشر.
كان اول استقرار في موقع عين غزال حوالي عام ٧۲۰۰ ق. م في العصر الحجري الحديث ما قبل الفخار والموقع واحد من اكبر المواقع التي تعود لهذه الفترة في بلاد الشام. تم دراسة الالفي سنة من الاستقرار في الموقع من خلال عدة دراسات مختلفة كبقايا النباتات و الحيوانات والتي توفرلنا معلومات على العلاقات الإجتماعية و الاقتصادية بين المزراعين والرعاة.
تم الكشف عن العديد من التماثيل الحيوانية و البشرية، و لكن الاكتشاف غير العادي في الموقع هي مجموعة من التماثيل الكاملة والنصفية والتي تمثل اشكالاً ادمية، والتي اكتشفت على مجموعتين: المجموعة الاولى اكتشفت سنة ۱٩٨٣ وهي عبارة عن خمس و عشرين تمثالاً يعود تاريخا الى حوالي٦٧٥۰ ق.م، والمجموعة الثانية: وهي عبارة عن عشرة تماثيل اكتشفت سنة ۱٩٨٥، احتوت هذه المجموعة على ثلاث تماثيل نصفية يحتوي كل منها على رأسين.
ونظراً لصعوبة اعمال الصيانة والترميم لهذه التماثيل كونها مصنوعة من الجص فقد تمت الأعمال في كلية لندن وفي معهد سميثسونيان في الولايات المتحدة حيث اقيم معرض عن اعمال الصيانة والترميم لهذه التماثيل في الفترة ما بين ۱٩٩٦-۱٩٩٧.
غطت المشاريع الأمريكية عمليا كل مناطق الاردن جغرافيا، وكذلك جرت العديد من المسوحات الهامة التي ساهمت في اكتشاف وتوثيق العديد من المواقع. في شمال شرق الأردن تم اكتشاف موقع أم الجمال ، وهذا الموقع المبني من الحجارة البازلتية جرت فيه التنقيبات الأثرية منذ عام ۱٩٧۲ تحت اشراف (بيرت ديفريز) من جامعة كالفين (Calvin)، بما فيها الفترة التي كان فيها مديراً لأكور، وفي سنة ۲۰۰٩خطط لكي يستمر في اعمال الصيانة لهذه المدينة.
إلى الجنوب في مدينة العقبة الساحلية كشفت التنقيبات التي قام بها دون ويتكامب (Don Whitcomb) من جامعة شيكاغو خلال السنوات
۱٩٨٦ – ۱٩٩٣عن مدينة أيلة والتي تعود إلى بداية العصر الإسلامي.
بدأ توم باركر (Tom Parker) وهو من جامعة نورث كارولينا مشروع العقبة الروماني، و ركز على الفترات النبطية، الرومانية، و البيزنطية
لمدينة أيلة وامتدت التنقيبات بين الاعوام ۱٩٩٤-۲۰۰۲، المنطقة التي تم اكتشافها ضمن هذا المشروع هي فقط المنطقة إلى الشمال الغربي من المدينة الإسلامية المبكرة.
واحد من المنشآت التي كشف عنها فريق باركر مبنية من الطوب الطيني و التي يعتقد انها أول مبنى أنشأ ككنيسة. كما جرى من خلال هذا المشروع مسح ضمن المنطقة الاقليمية لخليج العقبة للإجابة عن التساؤلات الاقتصادية في العصور القديمة و خاصة فيما يتعلق بالتجارة.
إن عمل (باركر) السابق في الأردن أكد على حدود الولاية العربية خلال الفترة الرومانية و البيزنطية و هي جزء من مشروع الحدود الشرقية للأمبراطورية الرومانية، وبعد المسح الأثري الذي جرى عام ۱٩٧٦ جرت خمس بعثات للتنقيب خلال الاعوام ۱٩٨۰-۱٩٨٩.
ظهرت المنشورات النهائية تحت اسم (الحدود الرومانية في وسط الأردن: التقرير النهائي لمشروع الحدود العربية ۱٩٨۰-۱٩٨٩.
(Washington, D.C.: Dumbarton Oaks, 2006) ، المنشورات الشاملة عن التنقيبات الأثرية تنشر بشكل أولي في حولية دائرة الأثار
العامة، ولكن التقارير النهائية تعبر عن اكتمال العمل في المشروع وعن اهميته.
ومن اشهر المواقع في الأردن بلا شك هي مدينة البتراء، حيث كان لعلماء الآثار الامريكيين نشاطات مميزة منذ اواخر الخمسينات. في وسط المدينة تقوم مارثا جوكوسكي من جامعة براون بإعمال الحفر و الترميم للمعبد الكبير منذ عام ۱٩٩٣. وبالقرب من هذا المعبد توجد حديقة البتراء ومجمع البرك بركة حيث تتم دراسة هذه المنطقة من قبل لي آن بيدال من جامعة ولاية بنسلفانيا منذ عام ۱٩٧٤.
على التلال المقابلة، إلى الشمال من الشارع المعمد نجد معبد الأسود المجنحة حيث بدء فيليب هاموند من جامعة أوتاه في دراسته منذ عام ۱٩٧٤.
على التلال الشمالية يمكن للزائر أن يرى ثلاث كنائس بيزنطية: الكبرى تدعى بكنيسة البتراء حيث نرى فيها أجمل وافضل الارضيات الفسيفسائية حفظاً وهي محمية بواسطة سقف معدني، وخلال عملية بناء هذا السقف وجد في الغرفة الخلفية للكنيسة ۱٤۰ لفافة محروقة من ورق البردى في كانون الأول من عام ۱٩٩٣ خلال الحفريات التي أجريت بدعم من الوكالة الأمريكية للأنماء الدولي تحت اشراف أكورعندما كان بيير البقاعي مديراً للمركز الأمريكي.
هذه اللفائف من ورق البردى تم دراستها و عمل الصيانة الازمة لها كجزء من مشروع لفائف البتراء تحت إشراف
(Jaako Frosen) من جامعة هلسينكي و مجموعة من الباحثين منهم(Ludwig Koenen) و ( Trainos Gagos) من جامعة ميشيغان. هذه المخطوطات عبارة عن أرشيف لأسرة من القرن السادس الميلادي لرجل يدعى ثيودورس وهو بن ابوديانوس الذي كان شماس و رئيس شمامسة الكنيسة.
هذه النصوص تعالج قضايا الأراضي و الميراث و تمدنا بمعلومات عن البتراء خلال الفترة البيزنطية. وكان التنقيب الدقيق والمتأني بالإضافة الى الدراسة و الترميم الدقيق الذي تبع عمليات التنقيب هو السبب وراء نجاة تلك القطع الهشة وقد ساهمت هذه اللفائف مساهمة كبرى في كتابة تاريخ الأردن. ما اطلق عليه أسم (Blue Chapel) و ( North Ridge Church ) والتي اكتشفت بالقرب من كنيسة البتراء التي اشرنا اليها سابقاً من قبل
مساعد مدير أكور انذاك السيدة (باتريشيا بقاعي) قدمت لنا هذه الاكتشافات معلومات هامة عن تاريخ البتراء، ولقد قامت السيدة بقاعي مؤخراً بحفريات
في منطقة بيضا أو ما يطلق عليها أسم البتراء الصغيرة حيث كشف فريقها في عام ۲۰۰٥ عن جناح نبطي ملكي فيه عدد من المنحوتات المتقنة، وفي شهر ايار من عام ۲۰۰٨اكتشفت دلائل على وجود مسجدين واحد منهما وجد داخل محمية البتراء الأثرية.
في عام ۲۰۰٧ قام أكور بالتعاون مع دائرة الأثار العامة بتنظيم المؤتمر الدولي العاشر لأثار وتاريخ الأردن والذي عقد في جامعة جورج واشنطن في العاصمة الأمريكية واشنطن (WWW.ichaj.Org).
ولقد صدر كتاب بهذه المناسبة يحتوي على ٥٤ فصلاً لعدد من المؤلفين والمحررين، من ضمنهم توماس ليفي (Thomas Levy) من جامعة كاليفورنيا في سان دياغو، والذي نقب في منطقة وادي فينان وادخل تكنولوجيا رائدة في مجال التوثيق الأثري.
هذا المجلد يلخص مساهمة أمريكا الشمالية، ويقف كشاهد على الجهود التي بذلتها البعثات الأثرية الأمريكية على مدى العقود الماضية في المملكة الأردنية الهاشمية، الأمر الذي قاد الى صداقات على المستوى المهني والشخصي
باربرا بورتر
مديرة المركز الأمريكي للأبحاث الشرقية (أكور)
عمان، ايلول ۲۰۰٨